آخر الأخبار

السراق كثيرون وكثيرة هي ثروات الوطن


سمير شحماني

قد لا يصدق البعض أن هناك شاب مصري يدعى علي محمد عفيفي مدمن على السرقة منذ الطفولة ومنذ كان في الصف الثاني الابتدائي وكان عمره آنذاك يقارب السبع سنوات حيث كان يسرق سندويجات التلاميذ وأقلامهم ودفاترهم وحين كبر عفيفي تطورت لديه السرقة حتى تحولت إلى مرض ومن ثم إلى مهنه وعادة سيئة لا يستطيع أن يفارقها وهو يتصف بحالة غريبة أيضا وربما هي تنطلق من بقايا شهامته فهو يوزع الفائض من المبالغ التي كان يسرقها على الآخرين وخاصة من ذوي الحاجة من الفقراء وأهل قريته التي كان يسكن فيها وهو يمر بفترات حياتية عصيبة وصراع نفسي ناتج عن التأرجح بين السرقة والتوبة وصحوة الضمير مما أدى به إلى أن يبحث عن حل لكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء بعدما استفحلت لديه حالة السرقة وبعد أن تفرغ لها عندما ترك دراسته الإعدادية فأخذ يسرق الأشياء الثمينة من ذهب وأموال وهواتف محمولة وأشياء أخرى فسلك طريق سماع النصيحة وخاصة من رجال الدين وشيوخ المساجد وكبار السن من الذين يتعرف عليهم فأخبروه بعد التوبة إلى الله عز وجل أن الشريعة الإسلامية تقول أن السارق يجب أن تقطع يده ولا يوجد حل أخر فعاد إلى مزاولة مهنة "السرقة" تعتريه حالات من الرفض لواقعه الاجتماعي ولحياته وأسلوب عيشه بأن يحيى فقيراً في وطن تكثر فيه الثروات وهو متخم بالأغنياء ورجال الدين المتنفذين الراضين بظلم الحاكم وجشع أصحاب الأموال فأخذت تترسخ في ذهنه المتواضع فكرة أن يضع الحد على نفسه تطبيقاً وانصياعاً للشريعة وتوبةً لله عز وجل فأراد التخلص من يده اليمنى التي دائما ما يسرق بها وبعد صراع مرير قرر أن يقطع يده عن طريق وضعها على سكة القطار وهو منبطح على الأرض وفعلا تحقق ذلك بعد أن انتظر مجيء القطار ليلا وحين انقطعت وتم نقله إلى المستشفى ادعى انه تعرض إلى حادث وهو لايعرف الحقيقة الطبية التي تبين أن اليد يمكن تلتحم وتنكمش بعد قطعها وبعد هذه الحادثة ومرور ثلاثة أشهر عاد عفيفي إلى السرقة لأنه لايستطيع أن يعيش بدونها فأخذ يسرق بيده الأخرى فأستيقظ ضميره ثانيةً مما دعاه إلى تكرار عملية قطع يده اليسرى وبنفس الطريقة ليتخلص نهائياً من يديه اللتين يعتبرهما الأداة والوسيلة التي يتم السرقة بهما. 
إن هذه الحادثة تجعلنا نفكر بحال السراق والمفسدين للمال العام في بلدنا العزيز بعد أن استفحلت عملية الفساد المالي والإداري بحيث لم تستطع الإجراءات والضوابط واللجان المنبثقة من النزاهة والمفتشين العامين وفتاوى رجال الدين والمرجعية وقوانين العدالة وأساليب القضاء العراقي أن تحد من هذه المشكلة بحيث أخذت منظمة الشفافية الدولية والمنظمات الأخرى التابعة للأمم المتحدة وللحكومة الأمريكية والبريطانية والفرنسية والتي ساهمت بترسيخ مبدأ التضخم الاقتصادي وسرقة المال والاحتيال والتزوير والسيطرة على العقارات التي كانت مشغولة من قبل النظام الصدامي وتشجيع حالة ضعف القانون وتمرد المجتمع بحيث ساعدت أصحاب النفوس الضعيفة بالاستيلاء على حقوق الغير وأملاك وأموال الدولة ودخولهم في اتفاقيات مبرمة مع شركات بحجة التعاملات القانونية بالإضافة إلى تهريب السجناء وتسويق الرغبات اللاهفة نحو الربح السريع .. فكم نحتاج من القطارات وسكك الحديد وكم من الأيادي التي من الواجب والضروري أن تقطع بطريقة أخونا عفيفي، أليس من الأجدر أن يحذو اولائك السراق والحيتان الكبيرة ورؤساء العصابات حذو عفيفي كي يقطعوا أياديهم حتى يتوقفوا عن هذا المرض الخبيث وبهذا يرتاح الوطن ويسمن ويزدهر ويتطور ويلحق بمواكب البلدان الراقية .

0 التعليقات

المناقشة والتعليقات