
الرجال اكثر غيرة لأنهم يبحثون عن المركز الاجتماعي والمال
اليمامة - ماجدة التميمي
الغيرة لدى النساء أمر شائع ومعروف، وهناك من ينتقد المرأة من هذا الباب نقداً قد يحمِّلها فوق طاقتها وفوق فطرتها. لكن هل الغيرة موجودة عند المرأة فقط، بمعنى: هل الرجل لا يشارك المرأة في هذا الأمر؟ وهل يمكن التخفيف من آثار وعواقب الغيرة؟ وما هي الأسباب الرئيسة الدافعة للغيرة، وهل الغيرة مرض نفسي أم طبيعة في المرأة؟ الغيرة حالة إحساس بعدم الأمان، وهي دليل على الحب، وهي عبارة عن نار تشتعل في القلب، وتتفاوت الغيرة في الحدة بين امرأة وأخرى، فعند بعض النساء تكون الغيرة معتدلة ومقبولة ومعقولة، وعند البعض الآخر تكون زائدة وغير طبيعية، وتسبب مشكلات أسرية واجتماعية ومهنية كثيرة.
والغيرة حالة من الضعف تحتاج فيها المرأة إلى الاحتواء، ولذلك فإن من الأخطاء الشائعة التي يقوم بها الرجل عندما يلمس غيرة زوجته أنه يحاول تهدئتها بمدح كاذب أو تسويف غير مقنع، مما يزيد الغيرة اشتعالاً، أو يتهمها بأنها لا تثق بنفسها أو بقلة العقل.
وهناك من الرجال من يثير غيرة زوجته من باب المزاح أو الاستفزاز أو محاولة استشفاف مدى حبها له، وقد يحدث أحياناً أن يقارنها بممثلة أو مذيعة دون أدنى معرفة بما يتركه ذلك من أثر في قلبها. فبعض النساء يتقبلن ذلك بقليل من الحساسية وبالصمت وهن كارهات، والبعض الآخر لا يتقبلن الأمر، ويدخلن في نوبات من الثورة والغضب وفقدان الأعصاب.
لكن يا ترى ما هي الغيرة؟ وما هي دوافعها؟ وهل حقا ان المرأة أكثر غيرة من الرجل؟ حديثي الاول كان مع الباحث الاجتماعي واستاذ الفلسفة السيد ميثم الصيمري فأوضح قائلاً: ان الغيرة هي داء الروح القاسي تقتحم حياة الانسان فتصيبه بالخوف والالم والقلق والوحدة والشك لتتدخل هذه العوامل وتنتج الغيرة العمياء التي تهدد مستقبل البشر وجذورها عميقة وتنبع من خوف غريزي على العائلة والمركز والسمعة وهي شعور يحدث عندما يشعر المرء ان هنالك من يهاجمه في اهم ما يملك فهي اشبه بالخوف من الموت ومثالا لذلك نرى ان الطفل يصاب بالغيرة من اخيه الذي ترعاه امه وتهتم به هذا الشعور ناتج عن احساس لدى الطفل بأن اخاه يهدده بمشاركته بالحب والعاطفة التي تنمحها له امه لذا نراه يشعر ان اخوه يهدده ويحس بالضعف والقلق من ذلك وتعتبر الغيرة هي الدافع الاقوى لكثير من التصرفات الخاطئة غير المسؤولة يقوم بها الكثير من الاشخاص للكيد بالاخرين وللتخص من هذا الداء المرعب ينصح الصيميري الاشخاص باتباع بعض النصائح ومنها ما يتعلق بالمرء الذي عليه ان يعرف ان الرغبة في الحصول على الحب والحنان يحمل معه احتمال فقدانه لاي سبب كان فيجب ان لا يكون ذلك صدمة لنا تولد الغيرة ومن ثم الانتقام ويجب ان يدرك الشخص ان الحب هو عبارة عن مشاعر وعاطفة وليس امتلاك وتملك ويستمر بالاحترام والشعور المتبادل وليس بالغيرة والرغبة بالتملك، وان لا تقضي وقتك بالكيد والتآمر على شخص معين تغار منه بل حاول ان تعمل بجهد ونشاط وتدع الاخرين في شانهم واخيرا حاول ان تنمي مهاراتك بدلا من تحطيم مهارات الاخرين فعند ذلك ستجد نفسك محل ثقة ولا تحتاج للانتقام او الغيرة من الاخرين بل حاملا همومهم وافراحهم معك. فيما اكد عبد الواحد كاسب ان المرأة اكثر غيرة من الرجل باضعاف مضاعفة فهي تحاسبه على كل صغيرة وكبيرة ولا تحتمل ان تراه مع اخرى حتى في اطار العمل وقد يؤدي ذلك الى هدم حياتها الزوجية، فالغيرة تعمي المرأة وتجعلها على استعداد لان تقوم باعمال سيئة قد تغيب عن البال لاجل الانتقام فالغيرة قد تؤدي بالحياة الزوجية الى المشاكل والطلاق.
الدكتورة هناء محمد عبد الباري تؤكد ان اكثر الاشخاص الذين يشعرون بالغيرة هم اولئك الذين يعانون من فقدان الثقة بالنفس وعدم قبولهم بذواتهم ووضعهم الذي وصلوا اليه او الذين تعرضوا في مراحل حياتهم الاولى الى الحرمان والهجر وعدم الرعاية وترى ان الانسان غيرته تتراوح بين القوة والضعف واكثر شخص غيرة هو الذي يشك في نفسه وفي قدراته وقيمته وان نجاح الاخرين دائما مصدر تهديد له، وتقول ان الرجل والمرأة يشعران بالغيرة لكن اعتقد ان المرأة اكثر من ذلك.
الرجل العراقي اكثر غيرة من المرأة هذا ما صرح به السيد حيدر السيد لؤي البطاط واكد بالقول ان الرجل العراقي غيور وهو اكثر غيرة من المرأة لانه يحميها ويوفر لها الامن والطمأنينة فيجب ان يكون سندا لها ويشعرها باحترامه وخوفه عليها فالمعلوم ان الرجل لا يحتمل ان يرى حريرته مع رجل اخر وفي موقف غير لائق لكن هناك من اشكال الغيرة من لها دوافع غير محمودة كأن يستخدمها الرجل لغرض فرض سيطرته الذكورية على المرأة وهنا تصبح غيرة استبدادية تعود بنا الى عصر الجاهلية لكن هذا لا يعني ان لا توجد نساء غيورات بل ان هنالك من النساء من لديها القدرة حتى على ارتكاب الجرم بدافع الغيرة وهذا حقا امر مؤسف ومرض يجب معالجته حتى لا يدمر حياتها وحياة من هم حولها.
ام زمن امرأة في السابعة والثلاثين من العمر تقول: الغيرة دمرت حياتي فمنذ زواجي وانا اشعر بغيرة على زوجي ولا استطيع السيطرة على هذه المشاعر رغم حبه واحترامه لي حتى اصبحت السعادة في منزلي تعاسة واصبح زوجي بعيدا عن المنزل ومرارا حاولت ان اتخلص منها الا انني افشل في ذلك ولا اعرف السبب في الكثير من الاحيان اجلس بيني وبين نفسي واتدارس الامر بصورة جدية واتعهد عدم اثارة غيرتي لأتفه الاسباب الا ان ذلك لا يتعدى الاسبوع حتى اصبحت على يقين ان الغيرة امرا اما وراثي او مرض نفسي.
الطبيب النفسي مدحت حسين يرى ان الشخص الغيور يرثى لحاله لان المجهود النفسي الذي يبذله الشخص الغيور كبير جدا فالغيرة تجعل شغله الشاغل التفكير في الانتقام من الاخر وحياكة المؤامرات ضده وهذا يجعله يخسر الكثير من جهده الفكري والزمني وحتى صحته تتدهور لانها ستسرق منه حتى النوم مضيفا ان الغيرة مرضاً نفسياً مريراً يقضي على كل مشاعر السعادة والحب والتواصل التي من حق الانسان التمتع بها فيجب هنا على الشخص المصاب بداء الغيرة المفرطة ان يفكر بصورة صحيحة ويستثمر طاقته العقلية ووقته في اعمال مجدية وايجابية وان لا ينظر الى الطرف الاخر الذي يرتبط به على انه مملوك له بل يجب ان ينظر اليه على انه نظيره وله حق رعايته والاهتمام به لا تملكه.
زينب عبد النبي طالبة جامعية تقول: ان الغيرة توجد لدى كل انسان فهناك من الناس من يغار من الاخرين بدعوى استثمار طاقاته ليصبح ناجحا مثلهم وهذا شيء جميل يحفزه على اللحاق باقرانه وهناك غيرة تؤدي الى الانتقام من الناس والتحايل عليهم وهذا يعد حالة عدوانية يجب محاربتها وارى ان الرجال اكثر غيرة لانهم يبحثون عن المركز الاجتماعي والمال وهذا بدوره يتطلب جهدا اكبر، بينما غيرة المرأة تنحصر بالاهتمام بالمظهر او الزوج او الحبيب وقد تتعدى هذا الاطار بقليل في نطاق العمل.
الغيرة بعد كل هذا شعور طبيعي يتمتع به كل انسان لكنها ان زادت عن حدها افسدت الحياة فيجب ان تمسك العصا من الوسط ونمارس الغيرة بصورة معتدلة حتى لا نكتوي بنارها وتضيع بذلك سعادتنا.
