عبد الكريم العامري
بعد عام 2003 انفتحت امام العراقيين فرصة السفر بعدما كان مقيدا بشروط كثيرة فضلا عن تدني سعر الدينار العراقي ازاء الدولار الامريكي ما منع كثيرين في زيارة دول العالم، هذا الانفتاح على الاخرين جعل العراقيين يستحون من دعوة صديق لهم في اي دولة من دول الجوار لزيارة بلدهم لا لشيء الا لان مدننا لا تسر احداً وهي عبارة عن اماكن اكل الدهر عليها وشرب، مدن خربة وما زالت نائمة (ولا اقول ميتة) فهذه البصرة قد من الله سبحانه وتعالى عليها وعلى اهلها بخيرات كثيرة، كل شيء في البصرة تتمناه دول العالم بدءا بالتراب وانتهاءا بالنفط، ولا تحتاج الحكومة جهدا في الاستفادة من تلك الثروات، يكفينا عدد من المستثمرين بعد منحهم امتيازات تشجعهم على العمل لنكون في مقدمة العالم، مدن جنوب البصرة بيئة صالحة جدا لمعامل ومصانع كبرى للاملاح بدلا من استيراده، وهي بيئة مكيفة لانتاج التمور والعلف الحيواني وانتاج المعلبات لمختلف انواع الخضار والاسمدة، وغرب البصرة بيئة صالحة لمعامل كبرى في صناعة الاسمنت والطابوق ومواد البناء الاخرى وهي صالحة ايضا مع الكم الهائل للحديد لمصانع كبرى للسيارات والالات الاخرى، وشمال البصرة بيئة صالحة لتكون مناطق سياحية كبرى صيفا وشتاءا.. هذه هي البصرة وهناك المزيد من الامور التي يعرفها القارئ ربما اكثر منا.. ولكن لماذا وصل الحال بنا الى ما هو عليه..؟ سؤال قد نجد اجابته عند كثير من المسؤولين ومنها ان البصرة لا تمتلك ارادة حرة مستقلة عن المركز، وهي لم تستفد من الثروات النفطية وفقا للمادة 112 من الدستور العراقي والذي يتيح للمحافظات المنتجة للنفط في الشراكة بالاستكشاف والانتاج للحقول الجديدة.. والبصرة بحاجة الى من يخرجها من عجلة المركز والتي لا نجد فيها حركة، لا نريد ان تكون بصرتنا (كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولا) ولا نريدها بقرة حلوب لمن هب ودب كما لا نريدها ان تكون خربة لا تسر احدا..
في كثير من الحوارات الصحافية هناك من يريد ان تكون البصرة مثل دبي فيما كانت دبي ذات يوم تطمح ان تكون مثل البصرة.. ما الذي غير المعادلة بطرفيها.. الحروب ربما واحدة من الاسباب الا ان ايران دخلت حربا دامت ثمان سنوات وتضررت مدنهم الحدودية ضررا كبيرا الا انهم اعادوها اجمل مما كانت عليه قبل عام 1980.. الحل يكمن في الاستثمار خاصة وان البصرة تمتلك من الطاقات البشرية والايدي العاملة العاطلة الكثير، ولا يمكن ان يكون هناك استثمار دون رفع كل القيود التي يعاني منها المستثمرون.. التقينا ذات يوم بمستثمر من احدى البلاد العربية وقال بالحرف الواحد (ان السعوديين يمنحون للمستثمرين ارضا وقروضا مالية تسد كل مشاريعهم فضلا عن فيزا الدخول التي تستخرج بشكل مباشر اما في العراق فان المستثمر يدفع كل ما عنده على تذكرة الطيران ذهابا وايابا للحصول على مشروع ويستمر ذلك لمدة اكثر من ستة اشهر الا انه يعود خالي اليدين..) نعتقد ان سبب خرابنا بهذه القوانين والاجراءات المعقدة.. 12 سنة ونحن (نراوح) في مكاننا.. شوارع متربة ومجاري مسدودة ومياه مالحة ومرة واشارات مرور لا تعمل وتجاوز على اراضي الدولة والمواطنين وهلم جرا..
نريد ان نبدأ بتأثيث بصرتنا مثلما نؤثث بيوتنا، ومثلما نهتم بنظافة غرفنا علينا ان نهتم بنظافة بيئتنا الكبيرة.. نريد ان نرى بصرة تضاهي في جمالها مدن العالم لانها تاج المدن واقدمها تاريخا وحضارة.. علينا ان نلغي من حساباتنا متوالية الخراب التي عهدناها.
