آخر الأخبار

جرائم غسل العار .. قتلها زوجها لأنها أحبتني



اليمامة - مرتضى طالب

غالباً ما تنتهي قصص الحب التي تتجاوز المحظورات المجتمعية بالموت. وتكون المرأة هي الملامة والمعاقبة في كل الأحوال. وهو ما حدث في أحدى المناطق الشعبية بالبصرة، قصة حب ولدت بين امرأة متزوجة في الخامسة والعشرين وسائق تكسي لا يكبرها كثيراً. يقول (م ج) أنه أحبها بعمق وكانت تخبره بفتور العلاقة بينها وزوجها ورغبتها بالطلاق ويضيف  "لم تكن تحبه. تم تزويجها له بطريقة تعسفية، حيث اضطرت لترك دراستها الثانوية، وعندما التقينا شعر كل منا بالانجذاب للآخر. كنت أزورها في غياب زوجها وقد اتفقنا على أن تسعى للطلاق منه لكي نتزوج، لكن الأمور لم تسر كما خططنا. لقد قتلها لأنها أحبتني" ..
 ثلاثة رصاصات أردت الزوجة الضحية منهية قصة الحب غير الشرعية، عندما عاد الزوج ذات يوم في غير موعده فوجدها في حضن حبيبها. أضطر سائق التكسي لدفع فصل عشائري وتغيير محل سكنه، أما الزوج فسلم نفسه للشرطة وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وهي العقوبة المقررة لما يسمى بجرائم غسل العار.
ليست الحادثة الأولى ولا الأخيرة في مجتمع محافظ يخضع بصورة كبيرة للأعراف العشائرية والدينية، فحتى مع عدم رغبة الزوج بقتل زوجته التي تخونه مع رجل آخر فأن هناك من يدفعه إلى ذلك أو يتولى المهمة عنه. يتحدث سالم علي عن حادثة مماثلة جرت لأحد معارفه حبّذ عدم ذكر أسمه قائلا "اكتشف صديقي أن زوجه كانت تخونه مع شخص آخر، فقرر الاكتفاء بتطليقها وإنهاء المسألة عند هذا الحد ، لكن أخوته رفضوا ذلك، حيث تولوا خطف الزوجة وأرغموه على مصاحبتهم بعد أن دفعوه إلى تناول حبوب مخدرة لكي يشاركهم في تنفيذ عملية قتلها!" ..
بعد يومين على الحادث عثرت الشرطة على جثة الزوجة في منطقة الشعيبة الصحراوية في قضاء الزبير ـ 20 كلم ـ غرب البصرة. وغالباً ما يتم رمي جثث النساء المغدورات في المناطق النائية.
يقول النقيب في الشرطة المجتمعية حسام فاضل خلف  أن "ظاهرة قتل النساء غسلا للعار أو للشبهة بممارسة الدعارة من قبل أقربائهن أو من جهات مجهولة تتفاقم في مركز محافظة البصرة، ويأتي قضائي الزبير و وشط العرب في المرتبة الثانية".
 ويتلخص عمل الشرطة المجتمعية التي تأسست كمديرية في شباط من عام 2012 و باشرت بالعمل بشكل فعلي خلال شهر نيسان من العام ذاته في حل القضايا والنزاعات المجتمعية.
ويعترف النقيب خلف "بصعوبة المشكلة وتجذّرها ولا يمكن الحد من ظاهرة القتل غسلا للعار برغم من أن العديد من منتسبينا ينتشرون في إنحاء المحافظة ويعملون على التدخل لمنع هذه الجرائم ضد النساء وغيرها من الحالات قبل حدوثها" ، لكنه يؤكد على "إجراء ندوات تثقيفية مكثّفة حول هذه الجرائم بالتعاون مع جامعة البصرة ومؤسسات المجتمع المدني".
يلاحظ بشكل عام أن العلاقات غير الشرعية أو ما يسمى (بحالات الزنا) تنتشر بين النساء المتزوجات أكثر من الفتيات غير المتزوجات.
ويعزو الباحث الاجتماعي ياسر جاسم أسباب ذلك إلى "أرغام الفتاة من قبل ذويها على الزواج المبكر" ، ويقول أن "أرغام المرأة على الزواج بسن مبكر وأحيانا تكون قاصرا لم تبلغ سن الزواج القانوني الذي حدد بـ 18 عاماً، وارتباطها بشخص لا تجمعها به أية عاطفة يدفع بالكثيرات من النساء إلى سلوك يدينه المجتمع بصورة قاسية".
وتعود جذور جريمة ( غسل العار) إلى التشريعات العشائرية والقبلية القديمة المتوارثة.
يقول الشيخ محمد ياسر، شيخ احد العشائر في محافظة البصرة،أن "شيوخ العشائر يحاولون تسوية الأمور بطريقة مناسبة لكل الأطراف بعيداً عن سفك الدماء"، ويوضح"في حال خيانة الزوجة للزوج تكون هناك ديّة (فصل بمبلغ مالي)من قبل الزاني معها يدفع إلى الزوج كما تدفع (ديّة ) ثانية لأهل الزوجة، ويجري تطليق الزوجة إن اكتفى الزوج بهذا".
لكنه يعترف بأن "قانون العشائر يجيز للزوج قتل الزوجة الخائنة كما يجيز ذلك لذوي الزوجة" ، و يضيف "إن كانت المرأة غير متزوجة (باكر ) فيجبر الزاني على الزواج منها إذا كان شخصاً معلوماً و إن كان غير معلوم أو يرفض الزواج منها فعادة ما تقتل".
 وفي حين أحصت وزارة حقوق الإنسان 160 امرأة قتلت غسلا للعار خلال العامين الماضيين في عموم البلاد، لا تتوفر إحصائيات دقيقة في محافظة البصرة حول هذه الجرائم المتكررة، ويعزو المسؤولون ذلك إلى سهولة إخفاء أسباب الجريمة من قبل المتورطين فيها، إذ تتوفر الأسلحة الخفيفة لدى السكان ويجري إطلاق النار العشوائي في المناسبات ما يؤدي لحالات وفاة مختلفة.
وبحسب النقيب خلف فأن "من الممكن إخفاء الحقيقة على الجهات الحكومية والمحققين الجنائيين و توثيق القتل برصاص عشوائي أو سطو مسلح أو محاولة اختطاف".
 فيما أشار الدكتور رعد عباس ديبس التدريسي في كلية القانون الى أن "العقوبات التي يفرضها القانون العراقي على الجاني بجريمة ( غسل العار) حسب المادة 409 مخففة جداً،".
مبيناً أنه "في حال تلبس الزوجة بالزنا أو وجودها في فراش واحد مع شريكها، لا تنفذ على الزوج القاتل أحكام الظروف المشددة، لكن بحسب المادة الثانية من الدستور العراقي التي تنص على أن (لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام) فأن المادة 409 تتعارض مع الدستور لأن الإسلام حظر القتل وتشدّد في ذلك".

وتطالب الناشطة في منظمات المجتمع المدني هناء أدور "بإنصاف النساء وتغيير القوانين السارية". مؤكدة أن "القانون متسامح مع مرتكب هذه الجريمة مع انها تعتبر كأي جريمة أخرى تزهق فيها نفس بشرية ، إذ يجب أن ينال المجرم جزاءه، كما ندعو إلى عدم تدخل العرف العشائري وتوجيه الضغوط على القضاة".
أن كثيراً من العسف بحق النساء يرتكب باسم الدين لكن الشرع الإسلامي يمنع القتل بسبب (جريمة الزنا) كما يقول أستاذ الحوزة العلمية في النجف الاشرف انمار المظفر موضحاً "إن كانت المرأة محصنة (متزوجة ) وارتكبت الزنا بشهادة أربعة شهود يقام عليها الحد (الرجم) وكما ترى فأن وضع 4 شهود يدل على صعوبة المسألة، أما إذا كانت المرأة غير متزوجة فيجري عقابها بمنعها عن الفاحشة سواء عن طريق حبسها أو مراقبتها أو ما شابه ذلك، وهناك عقوبة مئة جلدة".
مستدركا "لكن هذه العقوبة لا يمكن تنفيذها إلا من قبل شخص تتوفر فيه العديد من الشروط الدينية و هذا غير موجود في وقتنا الحاضر ".
مع تصاعد وتيرة النعرة العشائرية ، إضافة إلى تفشي الأمية بصورة كبيرة تغدو قصص الحب والخيانات الزوجية مكلفة جداً بالنسبة للنساء !

0 التعليقات

المناقشة والتعليقات