آخر الأخبار

جائزة صادق العلي الثقافية .. قلادة استحقاق للمبدع محمد خضير

http://www.alnaspaper.com/inp/Upload/

جبار النجدي
يحتل ادب محمد خضير حقلاً ابداعياً واسعاً ، وعلى ما أعلم ويعلم الجميع فأن شخصية محمد خضير غالباً ما تكون تجسيداً لكتاباته .
ويكفي المرء أن يتخيل ما عاشته البصرة من لحظات فريدة في ظل مظاهر الاحتفال بهذه الشخصية الصموت المرتابة من خجلها ، والتي اثارت ضروباً من الاعجاب .
فلقد تعرفنا على واحدة من مزايا محمد خضير من بين أشياء أخرى كثيرة هي ان يدفع بالسرد الى اقصى ممكناته ليخلع على فن حكاية القصة القصيرة ضروباً متنوعة من مستجدات الخطاب السردي .
أن معيار عمله يرتكز على كتابة القصة من منظور مفارق استيعاباً لما هو عصي وممتنع وخارج عن طوع القصة التقليدية بكثير من البراعة والاتقان .
لقد كرس جلّ اهتمامه لكتابة القصة وما يزال وفوق كل شيء امتلاكه لأمتياز السبق في ابتكار طرق جديدة في الكتابة السردية ضمن طقوس فاتنة تحتوي على قدر كبير من المتعة والمغامرة داخل المجهول .
لم يكن محمد خضير في يوم ما من كتاب الصياغات الجاهزة لقد كان مغامراً وشغوفاً بالابتكار انطلاقاً من سجيته المجبولة على البحث عن شيء مختلف في سياق نصوص لا تكتمل ووقائع نادرة الحدوث ورؤى تشف عما هو مخبوء وشخوص من شأنها أن تجترح تمثيلاً لكائن فريد هو الانسان .
ولعل من المهم ان نذكر ان محمد خضير يدرك تماماً استحالة تربية السرد على عادات ثابتة وما يهمه هو ارتياد مخططات وطقوس سردية جديدة قائمة على الاختلاف الذي يغنيها ويكسبها اسلوباً بأعتباره مكوناً من مكونات النصوص ذاتها . ويقيناً ان فهم اية ظاهرة بعمق يتطلب معرفة جمالياتها التي تكمن في مستجداتها والتي لن يصيبها الوهن ، وما تنتجه تلك المستجدات من قدرة في اثارة الدهشة وقلب مسار الاحداث .
أن تقنيات محمد خضير في الاستخدام السردي للغة جديرة بتوليد مسارات سردية تدفع بالنص الى استقطاب انتباه القارئ بناءً على مجمل الخصائص النوعية للسرد التي تدل على الحدوث والتجدد وادراك ادوار جديدة للنصوص التي لا تقع في نطاق المستقر والمهادن .
فبعض تقنيات قصص محمد خضير مثلاً شبيهة بتقنيات التناوب الموسيقي وبعضها الآخر يقوم على استثمار الاشكال السردية للمكان كما نتبين ذلك بوضوح في كتابه (بصرياثا) .
فيما تجري اغلب نصوصه وفي احايين كثيرة عبر توتر اللغة الشعرية ، لذا نجد ان لغة الازاحة هي شرط من شروط انتاج النص القصصي حيث ترفدنا بلحظات شعرية نادرة ومتولدة عن الشعر الذي يستدعيه السرد نفسه عبر خصوصية اللسان الشعري المتأسس في السرد واحالاته المدهشة .
ان من بين تقنيات السرد لدى محمد خضير اللجوء الى عين الكاميرا لرصد الاحداث وملامسة خفايا الاشياء ومن ثم نقل النص من النموذج المكتوب الى النموذج المرئي وصولاً الى المفهوم الصوري للسرد وهو مفهوم يسمح لتقنيات السينما ان تشترك بخواص غيرها ، أما ما يميز كتابات محمد خضير وآرائه في القصة فهو أمر مختلف ايضاً كونه نابع من مجموع النواتج العرضية التي يخلفها انتاجه القصصي واشتغالاته السردية بعيداً عن التجريدات النظرية .
ليست النصوص في منظور محمد خضير جواهر مكنوزة انها تخضع لاستجابة القارئ على مر الزمان مثل قائمة مفتوحة و سطور لا ينوب منابها شيء ديدنها السعي وراء معنى الواقعات التي تقول شيئاً لا يقوله سواها وهي بذلك تحسن الانتقال من فقر المعنى الى سخاء الدلالة المقترن بأنخراط الازمنة في زمن القص والاحتفاظ بلغز القصة حياً حتى النهاية وهذا ما يميز اعماله اكثر من أي شيء آخر. بمعنى انه ينأى بالنصوص عن توقعات قرائه فنصوصه متعددة الوجوه ومثيرة لشتى التأويلات .
أن كلمة محمد خضير في حفل الجائزة ان دلت على شيء فأنما تدل على انه قادر على تقديم عرض جديد لأثره بوصفه منتجاً لنص لا يكتمل ، نص بوسعه ان يرتد الى انساق الدلالة في الحياة ويشق طريقه عبر الجمل السردية الرصينة .

أراني في حاجة اخيراً الى تقديم الاجلال والتقدير لمن حاز على فرصة الجلوس في امكنة الشرف متحدثاً عن تجربة محمد خضير في حفل الجائزة وتحية وامتنان الى مانح الجائزة الاستاذ صادق العلي وسلاماً على حائز الجائزة الذي من انفك مواضباً على ابداعاته السردية التي لن يستهلكها الزمن بسهولة .   

0 التعليقات

المناقشة والتعليقات