سمير شحماني
تعتمد الدول وخاصة قبل الإقدام على شن الحرب على جمع المعلومات عن طريق أجهزة المخابرات والدوائر الأمنية والوكلاء وعلى الطابور الخامس في إشاعة الإخبار الكاذبة لخلخلة الوضع الداخلي للدولة المراد شن الحرب ضدها كذلك الاستفادة من المتعاونين والمتعاطفين من الإعلاميين وأشباه الصحفيين الذين يسعون للعمل حسب أجندات وأفكار المراد منها صناعة الفوضى وخلق الفتن بضرب الجبهة الداخلية كي يتسنى للجيوش الانتصار بالحرب. أما في حالات السلم فلا يخلو الأمر من انتشار ظاهرة التنافس السياسي بين القوى المتآلفة والقوى المعارضة في حكم البلد الذي لم يستطع إن يحصل على استقلاله التام وطرد الاغراب منه فهو بالتالي يكون عرضة للهزات والاختراق مما يؤدي إلى عدم الاستقرار خاصة إذا لم يتم ضبط عملية تنوع وسائل الأعلام واختلاف السياسات التحريرية وتضارب الخطاب السياسي وعدم الانتماء للوطن فضلا عن الغرق بالأنانية وحب الذات والكسب المادي السريع وغلبة مبدأ المصلحة المتبادلة حينها يفلت الزمام وتتعثر الجهود وينعطف الإعلام نحو مساوئ العمل الصحفي ليدنو لشحن النيات المبيتة وإشعال نار المشاكل التي تولد الأزمات عن وذلك عن طريق إخبار وتقارير مكتوبة أو مصوره يتم تصغيرها أو تضخيمها حسب مصلحة الجهة الداعمة لتلك الوسيلة الإعلامية .
من جانب آخر تنتشر الأقاويل والإخبار الصوتية المتنقلة (الإشاعات) بين أحاديث الناس وخاصة تلك التي تتعلق بالقرارات والتوصيات والأفعال التي تقوم بها الدولة وخاصة تلك المرتبطة بحاجات المواطن والتي تلامس الهم الإنساني المشترك من الناحية السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية والرياضية والثقافية ولا تستطيع إي جهة من سوق الرأي العام بأكمله نحو أهدافها وذلك بسبب انقسامه وتبعثره لان غياب القيادة والأداة الناجحة وعدم بروز قيادات سياسية ودينية وفكرية في المجتمع يؤدي بالنتيجة إلى غياب الاستقرار بجميع إشكاله وبدلا من ذلك تحضر الفوضى والعشوائية بحضور الشيطان مما ينتج عن ضياع الحقيقة وتفشي الفساد ويظهر من بين الناس شخصيات تتبنى نقل الإخبار والاقاويل ويطلق عليهم تسمية (أبو العّلوّم) باللهجة الشعبية تندرا لكثرة تعاطيه للإخبار الرصينة والركيكة على حد سواء ودائما ما نجد هذه الظاهرة منتشرة في الدوائر الحكومية حيث يقوم بعض الموظفين الجالبين للإخبار والمعلومات والمتشممين لها بالتنقل بين الأقسام خاصة تلك المرتبطة بالإدارة أو مكاتب أصحاب القرار وأقسام الرقابة المالية والحسابات ولجان النزاهة واللجان المعنية بالايفادات ودوائر العقود وعمل الشركات ومكاتب القلم السري وغرف المراقبة الأمنية وكثير ما تكون تلك الإخبار والمعلومات غير مفيدة لجميع الموظفين أو الإفراد المتناثرين الذين لا شغل لهم سوى شم الإخبار عن بعد ومحاولة الاستفادة منها إن أمكن لهم ذلك رغم إن هؤلاء الأشخاص الناقلين للإخبار دائما ما يكونون مساكين محرومين من نتائج جعبة (العلاقات العامة) التي تبرم اتفاقياتها بشكل سري وهم دائما ما تراهم غير مستفيدين من تلك الإخبار والمعلومات ودائما يشعرون بالحيف والظلم والتهميش وكراهية الآخرين لهم وذم الزملاء مع عدم قدرتهم على كتابة تلك الإخبار والمعلومات ولو استطاعوا ذلك وتعلموا من خبرات غيرهم في كيفية تحرير الإخبار وكتابة القصة الخبرية يمكن إن يكونوا أشخاص نافعين وهم دائما ما يختلفون عن طبيعة أولئك المتملقين والمتسلقين و(ذباب وجه المسؤولين) الذين كلما طردوا من مكاتب أصحاب القرار تراهم يحاولون العودة اليها وكلما كانت وجوه المسؤولين دبقة ولزجة كلما كانت عودتهم أسرع .
إن انتشار تلك الحالات لم تكن لولا وجود الأرضية المشجعة وهي مع الأسف في تزايد كلما ضعفت الثقة بين المواطن والمسؤول وضعفت الدولة وإذا أردنا التخلص من تلك الحالات والظواهر السيئة المشار إليها يجب علينا إن نسعى إلى تحرير الوطن من الغرباء أولا ومن ثم نقوم بتقوية الحوار وتنشيط أساليب تطورنا وازدهارنا وان نعمل على إذابة جميع الصعاب ونزيح جدران الخوف ونفتح قلوبنا على بعضنا بكل صراحة ودون ضغائن كي يتيقن الجميع بان الوطن يتسع للعيش بسلام .
